محمد مصطفى
11-08-2009, 12:41 PM
ترجمة الأدب العربي الحديث إلى اللغة الفرنسية*
جمال شحيد
إذا أردنا أن نعرف كيف ينظر الفرنسيون إلى العرب يجب أن نتوقف عند ترجمتهم لأدبنا وفكرنا وإنتاجنا بعامة. وعندها قد نكتشف طريقة اهتمامهم بنا: إما كشعب له حضارة وثقافة مستمرتان ... وإما كقوم أنعم الله عليهم بالنفط، وهم بعد زواله زائلون. وقد نكتشف نظرة الأوروبيين بعامة، والفرنسيين بخاصة، إلى الضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط وإلى شعوبها وطريقة التحاور مع الشرقيين، ولاسيما أن الاتحاد الأوروبي قد أقام مشاريع عديدة للبحر الأبيض المتوسط منها السياسي ومنها الاقتصادي ومنها الثقافي. ولنتبين مواقع التطور في الرؤية إلى الآخر، سأحاول تتبع الترجمات الفرنسية للأدب العربي ، لأصل إلى القارئ الفرنسي وتأثير هذه الكتب المترجمة في عقليته.
تاريخ ترجمة الأدب العربي الحديث إلى الفرنسية
في الخمسينيات كانت في باريس دار نشر صغيرة اهتمت بترجمة بعض أعمال محمود تيمور وتوفيق الحكيم، وهي Nouvelles Editions Latines . واختفت هذه الدار في بداية الستينيات ولم يبق شيء من مطبوعاتها إلا في بطون المكتبات العامة الكبرى. وفي عام 1960 صدرت ترجمة الجزء الأول من كتاب الأيام لطه حسين، وقدم له صديقه أندريه جيد . وفي عام 1962 صدرت ترجمة أنا أحيا لليلي بعلبكي في دار نشر جوليار. كذلك عنيت مجلة Orient بترجمة بعض القصص والقصائد لعدد من الكتاب السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، وترجم معظمها المستشرقان الفرنسيان ميشيل باربو وهنري لوسيل.
واندلعت حرب الجزائر ، فانحسر الاهتمام بالأدب العربي الحديث الذي بقي حتى ذلك الوقت أضأل الضئيل. وذلك أن القارئ الفرنسي العادي لم يكن يقرأ هذا الأدب المترجم ولم يتكون عنده أي فضول لمتابعة الإصدارات، على قلتها ولم يتكون عنده أي فضول لمتابعة الإصدارات، على قلتها .. وإن كان بعض رجال الدين المسيحي الذين عملوا في البلدان العربية، أو الذين كان يستعدون للعمل فيها، يطلعون على هذه الأدبيات.
أما المستشرقون الكبار المهتمون بالأدب، من أمثل ريجيس بلاشير وكارا دي فورميل وإميل درمنغم ولويس ماسينيون وهنري بيريس وفانسان مونتي وشارل بلا وغاستون فييت واندريه ميكل ، فكانوا بعامة يؤثرون الأدب العربي القديم ، وقليلون بينهم من انفتحوا على الأدب الحديث ويعتبره ركيكا هزيلا، ويكتفي بالأدب العربي حتى القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) معتبرين أن كل ما أتى بعده- وخاصة في عصر النهضة وما تلاه – لايستحق عناء المتابعة .
ولا بد في هذا المقام من التنويه بالجهد الترجمي الهائل الذي قام به المترجم الحلبي الأصل رينيه خوام الذي اهتم خاصة بترجمة الكتب التي عنيت بأدب المجون والحيل والتخييل والشطار والعيارين، فغطى هذا الجانب المسكوت عنه.
وعام 1967 أصدرت دار "سوي" الباريسية ثلاثة مجلدات عن الأدب العربي الحديث جمعت مختارات من الرواية والقصة (المجلد الأول ) والمحاولات (المجلد الثاني) والشعر (المجلد الثالث). وقد ساعد هذا العمل في تعريف القارئ الفرنسي الفضولي على بعض الأسماء والنصوص وهنا لا بد من القول إن السياسة الشرق أوسطية لفرنسا بعد حرب 1967، كما عبر عنها الجنرال ديغول ، قد خلقت مناخا ملائما للانفتاح.
وعام 1972 أنشأ ناشر فرنسي شاب اسمه بيير برنارد دا ر نشر "سندباد" التي دعمتها بعض الجمعيات العربية وقدمت لها الحكومة الجزائرية مساعدات كبيرة. وقد اهتمت الدار – إلى جانب السلاسل التي أصدرتها حول الأدب العربي الكلاسيكي والأدبين التركي والفارسي- بترجمة عدد من الكتاب العرب المعاصرين واختارت أبرزهم: فترجمت للطيب صالح ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وأدونيس وعبد الوهاب البياتي وجمال الغيطاني وإدوار الخراط وعبد السلام العجيلي وفؤاد التكرلي والطاهر وطار وحنا مينة وعبد الرحمن منيف وغسان كنفاني ... وكان إخراج هذه الترجمات لطيفا مشوقا، الأمر الذي حدا ببعض الناشرين الآخرين- ولا سيما دور النشر الكبرى- إلى خوض مغامرة الكتاب العربي المترجم.
وصرنا نجد في مكتبات البيع كتبا مترجمة عن العربية أصدرتها دور نشر "غاليمار" وسوي" و"لاتس" و "دونويل" و " مينوي" و أرليا" و "ميزونوف" و "ميركور دو فرانس". بالإضافة إلى "سندباد". لا بل نجد بعض الدور تختص بهذا الكاتب أو ذاك، كدار نشر دونويل التي نشرت أكثر من نصف أعمال نجيب محفوظ المترجمة إلى الفرنسية، ودار "مركور دو فرانس" التي نشرت أعمال أدونيس بخاصة.
وما بين عامي 1992 و 1995 أنشأ إيف غونزاليس كيخانو (وهو أستاذ الأدب العربي المعاصر في جامعة ليون) سلسلة Mondes Arabes (عوالم عربية‘ في دار "سندباد"، وشجع ترجمة الكتاب العرب الشباب من أمثال رشيد الضعيف وحنان الشيخ وصنع الله إبراهيم ونبيل نعوم وسليم بركات وعالية ممدوح... وبلغت إصدارات السلسلة واحدا وعشرين إصدارا. وعام 1995 اشترت دار "آكت سود" دار "سندباد"، بعد وفاة مؤسسها وبداية تراجعها، ولاسيما بعد اندلاع أعمال العنف في الجزائر. وإذا بنا الآن أمام دار كبيرة تعنى بالأدب العربي، وتصدر عدة سلاسل منها: سلسلة "الأدب الكلاسيكي" بإشراف أندريه ميكل، وسلسلة "الأدب الحديث" بإشراف فاروق مردم بك، وسلسلة "البشر والمجتمعات" و سلسلة "المكتبة الإسلامية"، وسلسلة "بابل"، والسلسلة الناشئة "ذاكرات المتوسط". وأصدرت هذه الأخيرة الكتب التالية : سيرة مدينة لعبد الرحمن منيف، والأفق العمودي لعبد القادر الجنابي، وبيضة الحمامة لرؤوف مسعد، والجمعة الأحد لخالد زيادة، وحملة تفتيش للطيفة الزيات. وتدعم "المؤسسة الأوروبية للثقافة" هذه السلسة التي تصدر بخمس لغات أو ست لغات أوروبية، ويراس ايف غونزاليس كيخانو الطبعة الفرنسية. ويساهم "معهد العالم العربي" في دعم بعض السلاسل ، ولاسيما سلسلة "الآداب المعاصرة"،بالإضافة إلى دعمه كل الكتب العربية التي تترجمها دار "لاتس"
وهكذا نرى أن دور النشر الفرنسية قد ترجمت حتى الآن لأكثر من سبعين كاتبا عربيا حديثا، وحظيت الرواية بنصيب الأسد من هذه الإصدارات.
جمال شحيد
إذا أردنا أن نعرف كيف ينظر الفرنسيون إلى العرب يجب أن نتوقف عند ترجمتهم لأدبنا وفكرنا وإنتاجنا بعامة. وعندها قد نكتشف طريقة اهتمامهم بنا: إما كشعب له حضارة وثقافة مستمرتان ... وإما كقوم أنعم الله عليهم بالنفط، وهم بعد زواله زائلون. وقد نكتشف نظرة الأوروبيين بعامة، والفرنسيين بخاصة، إلى الضفة الجنوبية من البحر الأبيض المتوسط وإلى شعوبها وطريقة التحاور مع الشرقيين، ولاسيما أن الاتحاد الأوروبي قد أقام مشاريع عديدة للبحر الأبيض المتوسط منها السياسي ومنها الاقتصادي ومنها الثقافي. ولنتبين مواقع التطور في الرؤية إلى الآخر، سأحاول تتبع الترجمات الفرنسية للأدب العربي ، لأصل إلى القارئ الفرنسي وتأثير هذه الكتب المترجمة في عقليته.
تاريخ ترجمة الأدب العربي الحديث إلى الفرنسية
في الخمسينيات كانت في باريس دار نشر صغيرة اهتمت بترجمة بعض أعمال محمود تيمور وتوفيق الحكيم، وهي Nouvelles Editions Latines . واختفت هذه الدار في بداية الستينيات ولم يبق شيء من مطبوعاتها إلا في بطون المكتبات العامة الكبرى. وفي عام 1960 صدرت ترجمة الجزء الأول من كتاب الأيام لطه حسين، وقدم له صديقه أندريه جيد . وفي عام 1962 صدرت ترجمة أنا أحيا لليلي بعلبكي في دار نشر جوليار. كذلك عنيت مجلة Orient بترجمة بعض القصص والقصائد لعدد من الكتاب السوريين واللبنانيين والفلسطينيين، وترجم معظمها المستشرقان الفرنسيان ميشيل باربو وهنري لوسيل.
واندلعت حرب الجزائر ، فانحسر الاهتمام بالأدب العربي الحديث الذي بقي حتى ذلك الوقت أضأل الضئيل. وذلك أن القارئ الفرنسي العادي لم يكن يقرأ هذا الأدب المترجم ولم يتكون عنده أي فضول لمتابعة الإصدارات، على قلتها ولم يتكون عنده أي فضول لمتابعة الإصدارات، على قلتها .. وإن كان بعض رجال الدين المسيحي الذين عملوا في البلدان العربية، أو الذين كان يستعدون للعمل فيها، يطلعون على هذه الأدبيات.
أما المستشرقون الكبار المهتمون بالأدب، من أمثل ريجيس بلاشير وكارا دي فورميل وإميل درمنغم ولويس ماسينيون وهنري بيريس وفانسان مونتي وشارل بلا وغاستون فييت واندريه ميكل ، فكانوا بعامة يؤثرون الأدب العربي القديم ، وقليلون بينهم من انفتحوا على الأدب الحديث ويعتبره ركيكا هزيلا، ويكتفي بالأدب العربي حتى القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) معتبرين أن كل ما أتى بعده- وخاصة في عصر النهضة وما تلاه – لايستحق عناء المتابعة .
ولا بد في هذا المقام من التنويه بالجهد الترجمي الهائل الذي قام به المترجم الحلبي الأصل رينيه خوام الذي اهتم خاصة بترجمة الكتب التي عنيت بأدب المجون والحيل والتخييل والشطار والعيارين، فغطى هذا الجانب المسكوت عنه.
وعام 1967 أصدرت دار "سوي" الباريسية ثلاثة مجلدات عن الأدب العربي الحديث جمعت مختارات من الرواية والقصة (المجلد الأول ) والمحاولات (المجلد الثاني) والشعر (المجلد الثالث). وقد ساعد هذا العمل في تعريف القارئ الفرنسي الفضولي على بعض الأسماء والنصوص وهنا لا بد من القول إن السياسة الشرق أوسطية لفرنسا بعد حرب 1967، كما عبر عنها الجنرال ديغول ، قد خلقت مناخا ملائما للانفتاح.
وعام 1972 أنشأ ناشر فرنسي شاب اسمه بيير برنارد دا ر نشر "سندباد" التي دعمتها بعض الجمعيات العربية وقدمت لها الحكومة الجزائرية مساعدات كبيرة. وقد اهتمت الدار – إلى جانب السلاسل التي أصدرتها حول الأدب العربي الكلاسيكي والأدبين التركي والفارسي- بترجمة عدد من الكتاب العرب المعاصرين واختارت أبرزهم: فترجمت للطيب صالح ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وأدونيس وعبد الوهاب البياتي وجمال الغيطاني وإدوار الخراط وعبد السلام العجيلي وفؤاد التكرلي والطاهر وطار وحنا مينة وعبد الرحمن منيف وغسان كنفاني ... وكان إخراج هذه الترجمات لطيفا مشوقا، الأمر الذي حدا ببعض الناشرين الآخرين- ولا سيما دور النشر الكبرى- إلى خوض مغامرة الكتاب العربي المترجم.
وصرنا نجد في مكتبات البيع كتبا مترجمة عن العربية أصدرتها دور نشر "غاليمار" وسوي" و"لاتس" و "دونويل" و " مينوي" و أرليا" و "ميزونوف" و "ميركور دو فرانس". بالإضافة إلى "سندباد". لا بل نجد بعض الدور تختص بهذا الكاتب أو ذاك، كدار نشر دونويل التي نشرت أكثر من نصف أعمال نجيب محفوظ المترجمة إلى الفرنسية، ودار "مركور دو فرانس" التي نشرت أعمال أدونيس بخاصة.
وما بين عامي 1992 و 1995 أنشأ إيف غونزاليس كيخانو (وهو أستاذ الأدب العربي المعاصر في جامعة ليون) سلسلة Mondes Arabes (عوالم عربية‘ في دار "سندباد"، وشجع ترجمة الكتاب العرب الشباب من أمثال رشيد الضعيف وحنان الشيخ وصنع الله إبراهيم ونبيل نعوم وسليم بركات وعالية ممدوح... وبلغت إصدارات السلسلة واحدا وعشرين إصدارا. وعام 1995 اشترت دار "آكت سود" دار "سندباد"، بعد وفاة مؤسسها وبداية تراجعها، ولاسيما بعد اندلاع أعمال العنف في الجزائر. وإذا بنا الآن أمام دار كبيرة تعنى بالأدب العربي، وتصدر عدة سلاسل منها: سلسلة "الأدب الكلاسيكي" بإشراف أندريه ميكل، وسلسلة "الأدب الحديث" بإشراف فاروق مردم بك، وسلسلة "البشر والمجتمعات" و سلسلة "المكتبة الإسلامية"، وسلسلة "بابل"، والسلسلة الناشئة "ذاكرات المتوسط". وأصدرت هذه الأخيرة الكتب التالية : سيرة مدينة لعبد الرحمن منيف، والأفق العمودي لعبد القادر الجنابي، وبيضة الحمامة لرؤوف مسعد، والجمعة الأحد لخالد زيادة، وحملة تفتيش للطيفة الزيات. وتدعم "المؤسسة الأوروبية للثقافة" هذه السلسة التي تصدر بخمس لغات أو ست لغات أوروبية، ويراس ايف غونزاليس كيخانو الطبعة الفرنسية. ويساهم "معهد العالم العربي" في دعم بعض السلاسل ، ولاسيما سلسلة "الآداب المعاصرة"،بالإضافة إلى دعمه كل الكتب العربية التي تترجمها دار "لاتس"
وهكذا نرى أن دور النشر الفرنسية قد ترجمت حتى الآن لأكثر من سبعين كاتبا عربيا حديثا، وحظيت الرواية بنصيب الأسد من هذه الإصدارات.