لغة التدريس في تعليمنا العالي

تحّول التعليم العالي في المجتمعات المعاصرة إلى عملية استثمارية يتوقف على نجاحها أو فشلها نجاح التنمية أو فشلها في أي مجتمع . ففي مرحلة التعليم العالي تكتشف طاقات الإنسان ومهاراته وإبداعاته ثم تصقل وتوجه إلى خير ذلك الإنسان وأسرته ومجتمعه وأمته و الإنسانية عموماً في صورة اختراع جديد أو تطوير لتقنية أو كشف نافع أو عمل منتج.
ومن وسائل تحقيق ذلك الاستثمار :
1- التدريس و التدريب لتخريج القوى البشرية العاملة القادرة على تسيير عملية التنمية بكل إبعادها وأشكالها .
2- البحث العلمي الجاد والمبدع لحل المشاكل التي تعترض تنمية أي قطاع من قطاعات المجتمع والعمل على تطوير التقنيات التي تناسب حاجات المجتمع وتحل مشاكله الحياتية و التنموية .
وحيث تتوقف التنمية بوجه عام وتنمية القوى البشرية العاملة بوجه خاص على زيادة عدد المتخرجين من المجالات العلمية الحساسة للتنمية كما تتوقف على مستوى كفاية المتخرجين ومهاراتهم و إبداعاتهم العلمية و التقنية و البحثية التي يضعونها في خدمة حاجات مجتمعهم الحياتية و التنموية .لذا فأن زيادة عدد المتخرجين في التخصصات العلمية الطبية و الهندسية و التقنية و تحسين مستوى تحصيلهم و كفايتهم مطلب تنموي ملح للمملكة .
وتشير إحصائيات مخرجات التعليم العالي في المملكة في التخصصات الطبية و الهندسية و التقنية إلى إن نسب التسرب تتراوح بين 40 -65 % خصوصاً في الكليات و الجامعات التي تدرس باللغة الانجليزية . كما تشير الإحصائيات بان 70 -80 % ممن يتخرجون من تلك الكليات في التخصصات الطبية و الهندسية و التقنية يتخرجون بتقدير جيد أو مقبول .
لغة التدريس في نظامنا التعليمي هي العربية حسبما ورد في النظام الأساسي للحكم ويجوز التدريس بغيرها عند الضرورة .كانت هذه الضرورة ماثلة عندما كان أساتذة الجامعة في التخصصات الطبية والهندسية غير ناطقين بالعربية ولكن استغلت جامعاتنا استمرار ثغرة جواز التدريس بالانجليزية حتى بعد أن أصبح أساتذة الجامعة في هذه التخصصات كلهم سعوديون أو عرباً .
سببت لغة التدريس الانجليزية في كلياتنا الطبية و الهندسية تسرباً هائلاً كما سببت ضعف تحصيل الطلاب وتدني مستويات من ينجو من التسرب .ولقد وجد أعضاء هيئة التدريس في الكليات التي تدرس بالانجليزية ضالتهم للهروب من مسئولية التسرب الكبير من تلك الكليات بحجة ضعف الطلاب في اللغة الانجليزية والقي باللائمة على ضعف تدريس اللغة الانجليزية في التعليم العام وبذلك ضاع الطالب وتسرب من تسرب من تلك الكليات و انخفضت كفاءة تلك الكليات الداخلية والخارجية و أهدرت أموال و مقاعد دراسية وخسرها الوطن في تنمية قواه البشرية في مجالات هو بأمس الحاجة للقوى البشرية فيها لتنميته .
إن الطلاب الذين يقبلون في الكليات الطبية والهندسية من أفضل الطلاب في معدلات الثانوية وفي نتائج اختبار القدرات و التحصيلي لكنهم يفشلون و يتسربون بسبب ضعفهم في اللغة الانجليزية في الجامعات السعودية . و لتجاوز عائق اللغة الانجليزية اخترعت بعض الجامعات السنة التحضيرية ولكن هذه السنة أصبحت كشكول من المواد العلمية واللغة الانجليزية ومهارات الحاسب وغيرها . وهذه السنة التحضيرية زادت في مدة دراسة الطالب سنه دون أن تنقذه من التسرب والتأخر في الدراسة و ضعف الحصيلة حيث لا يحصل الطالب في هذه السنة التحضيرية على مهارات اللغة الانجليزية التي تمكنه من مواصلة دراسته الجامعية بنجاح في تخصصه الطبي أو الهندسي . إن الطالب لا يستطيع الدراسة الجامعية باللغة الانجليزية دون حصوله على درجة 500 في اختبار التوفل على الأقل .
لا يجادل عاقل في أهمية إتقان اللغة الانجليزية لأي إنسان سواء اتخذت لغة للتدريس في جامعاتنا أم لا ولكن الأمر المحبط لطلابنا والمهدر لاستثماراتنا في فتح أكثر من عشرين جامعة اغلب تخصصاتها طبية و هندسية و تقنية هو أن لا يمّكن الطلاب بمهارات في اللغة الانجليزية في دراستهم الجامعية ولا يدرسون تخصصاتهم الطبية والهندسية بلغتهم العربية .
أن سنة تحضيرية مكثفة باللغة الانجليزية يدرس فيها الطالب 25 ساعة أسبوعيا لن توصل الطالب إلى مستوى 500 درجة في اختبار التوفل فما بالك في سنة تحضيرية تدرس فيها مواد غير اللغة الانجليزية خصوصا في ظل ضعف تدريس اللغة الانجليزية في تعليمنا العام. إن على تعليمنا العالي أن يحسم أمره فأما أن يتخذ لغة الطالب والمدرس و المجتمع (العربية ) لغة للتدريس الجامعي الطبي والهندسي والتقني وأما أن يكثف تدريس اللغة الانجليزية في السنة التحضيرية ويخصصها كاملة لتدريس اللغة الانجليزية وحدها بل ويطلب من التعليم العام تكثيف تدريس اللغة الانجليزية في السنة الثالث ثانوي حتى يسهل على الطالب الحصول على القدرة في اللغة الانجليزية التي تمكنه من النجاح في التعليم الجامعي الطبي أو الهندسي. أن اشتراط اللغة الانجليزية للتوظيف في القطاع الخاص و ضرورتها للنجاح في التعليم الجامعي الطبي أو الهندسي تجعل حسم هذا الأمر أمرا ملحاً لإنجاح استثماراتنا في جامعاتنا العشرين لتأهيل قوانا البشرية وتسهل توظيف أبنائنا في القطاع الخاص. أن مسئولية تحقيق المستوى اللازم في اللغة الانجليزية لتجاوز إحباط طلابنا وضمان تحقيق عائد لاستثماراتنا في تعليمنا العام والعالي مسئولية مشتركة بين التعليم العام والتعليم العالي .
إن من المحزن حقاً أن جامعاتنا العلمية تعلم علم اليقين فداحة المشكلة وما تكلفه من هدر وما تلحقه بالتنمية من ضرر يتفاقم بمرور الزمن ولكنها تتستر على المشكلة ولا تبرزها كمشكلة تربوية و اقتصادية وتنموية . أن أول علاج لأي مشكلة هو الاعتراف بوجود المشكلة . ولكن هل تعترف جامعاتنا العلمية بوجود المشكلة و الهدر التعليمي و الاقتصادي و التنموي أو تستمر في المكابرة و تصبح فعلا عبئاً على مجتمعنا الذي ينتظر منها حــل مشكلاته التنموية ؟ وما لم تبرز الجامعات هذه المشكلة التربوية و الاقتصادية للقيادة السياسية فهي المسئول الأول والأخير عن هذه المشكلة و سكوتها عنها يضر بالطالب و المجتمع والتنمية في آن واحد فلا بد أن تحل الجامعات المشكلة أو تعترف بوجودها وتبرزها لمن يستطيع حلها خارج إطار الجامعات إن عجزت عن حلها أما السكوت عن هذه المشكلة فلا يليق بجامعاتنا و يضر بها و بالمجتمع الذي أوجدها لحل مشكلاته الحياتية و التنموية . كيف نصل إلى تحقيق التحول إلى اقتصاد المعرفة بحلول عام 1440هـ ومعدلات التسرب والضعف في مخرجات تعليمنا العالي الطبي و الهندسي و التقني على ما هي عليه الآن ؟

د/عيد عبد الله سالم الشمري
عميد كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود سابقاً
وعضو مجلس الشورى سابقاً

أتفق معك أستاذي د. عيد بأن تعليم اللغة الانجليزية في التعليم العام والعالي يحتاج إلى مراجعة كبيرة, ولكن مسألة تحويل التعليم الطبي والهندسي إلى اللغة العربية , فهذا مشروع يحتاج جهود كبيرة حتى يتم تعريب العلوم , وتحديثها باستمرار إلى اللغة العربية وهذا ما نفتقده حالياً..

خالص ودي وتقديري

الى الدكتور عيد وجهة نظري ان تعلم هذه العلوم باللغة الانجليزية لا يضر بل مفيد جدا وذلك لان هذه العلوم كل يوم وهي في تقدم من ابحاث الى تطبيقات وما الى ذلك فالبتالي ارى ان تعريب هذه العلوم صعب جدا والله اعلم .

لك مني التقدير والعرفان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكر سعادتكم على هذا الموضوع المهم
ولو لاحظ سعادتكم اني قد تطرقت الى تعليم اللغة الانجليزية في هذا المنتدى وعلى ذلك اضيف قائلا:
ان تعليم اللغة الانجليزية والاهتمام بها هو اهتمام بنتاج علوم تطبيقية اخرى وارى من وجهة نظري ان يقنن تعليم اللغة الانجليزية في المرحلة الثانوية وكذلك في السنة التحضيرية في جامعاتنا. بمعنى آخر ارى انه من الصعب تعليم اللغة الانجليزية بشكل عام خلال عام واحد وننتظر من المتعلم اتقان ما اردناه عن اللغة الانجليزية والفكرة العامة لدي تتلخص بتخصيص اللغة الانجليزية حسب التخصص المطلوب من الطالب دراسته في المرحلة الجامعية. فعلى سبيل المثال يدرس الطالب اللغة الانجليزية التقنية اذا كان تخصصه تقني ويدرس لغة انجليزية طبية اذا كان تخصصه طبي وهكذا.
ان اتباع مثل هذا المنهج يحتم على القائمين بالتعليم في وطننا الغالي ضرورة اعادة النظر بالمناهج المستخدمة في المدارس والجامعات.
ولا اخفي سعادتكم ان لدي دراسة كاملة عن تدريس اللغة الانجليزية التخصصية في المملكة العربية السعودية وساكون على اتم الاستعداد للمساعدة في اي وقت لمن اراد ان ينتهج مثل هذا المنهج خصوصا في جامعاتنا .
وفي الختام اشكر سعادتكم على هذا الموضوع المهم والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ين 40 -65 % خصوصاً في الكليات و الجامعات التي تدرس باللغة الانجليزية . كما تشير الإحصائيات بان 70 -80 % ممن يتخرجون من تلك الكليات في التخصصات الطبية و الهندسية و التقنية يتخرجون بتقدير جيد أو مقبول .

! ! !

السبب الرئيسي واضح في نسبة التسرب الكبيرة . يدخل الطالب الجامعة أو الكلية بأحلام وطموحات بناها ربما لسنين طوال ، ولكنة ينصدم بالفرق الشاسع بين اللغة التي يتم تدريسها في الجامعات وتلك في المدارس ،
حتماً فرق وهناك فجوة كبيرة ! ! !

لقد مررت بهذة التجربة ، ولكن الذي أسعفني هو أن عدد المواد في السنة الأولى قليلة مقارنة بالسنة الثانية التي تصل إلى 10 مواد ،، وهذا يعتبر هضم لحق الطالب في عدد المواد ، وخاصة في الكليات المتبعة نظام المدارس في نظاما الأكاديمي ..

فإذا كان هذا الحال في بعض الأنظمة فلا أستغرب أبداً بأن النسبة الكبرى من الدفعة تتخرج بتقدير جيد أو مقبول ،
هذا لايعني فشل الطالب ، ولكن عدم توفر بيئة مناسبة للطالب تمنحة القدرة على التركيز في الدراسة ،

فهل يستطيع طالب أو دعوني أقول ( إنسان) بتحمل 11 أو 10 مواد في الترم الواحد ؟
، وخاصة أن لكل مادة لها بحوثها وأختباراتها ومتطلباتها .؟ ! ! !

إنة من الظلم مقارنة طالبة أدب أنجليزي متخرجة من كلية بنظام ( العشر مواد للترم) وطالبة أدب أنجليزي متخرجة من جامعة بنظام ( الست أو السبع مواد للترم ) !
فطبيعي ستتوزع الطاقة على عدد المواد وكلما كثرت ، كلما قل الإنتاج والإثمار ..

أقترح قبل عمل إحصاءات ونسب ، توحيد جميع الكليات لنظام واحد يمنح الطلاب الحرية الأكاديمية والبيئة المساعدة بكل جوانبها ، من كم وكيف .. فهذا أول خطوة نحو التطوير للوضع الحالي ،

أوضاع صعبة نعيشها ، مشاكل نواجهها ، نتائج لم نتوقعها ، تفاعل نفتقدة مع الوزارة أولا والجامعة خصوصا ..

في الحقيقة أود أن أكتب الكثير ، ولكن أكتفي بهذا القدر ، حرصاً على مشاعري

شكراً لك دكتور ~

من واقع تجربة خصوصا مع طالبات التخصص .. المستوى سيئ لأبعد حد و اهمال من الطالبات و أحياناً المحاضرة أو الدكتورة ..بإختصار
أقترح يكون هناك اختبار لتحديد مستوى الطلاب و الطالبات على الأقل للتخصص كالترجمة والأدب


مشكور أستاذنا